مریم رجوی زعيمة أكبر فصيل معارض إيراني تتحدث لـ الأهرام‏:‏ نرفض أي هجوم عسكري على الوطن‏..‏ والتغيير يجب أن يكون ديمقراطيا

مریم رجوی زعیمة أکبر فصیل معارض إیرانی
الاهرام المصرية
25/10/2011
أجري الحوار‏:‏ يحيي غانم
هي مهندسة تبلغ من العمر‏57‏ عاما‏,‏ وأم لفتاة‏,‏ وشقيقة لأختين أعدمهما نظام شاه إيران‏,‏ إلا أنها بعد كل ذلك رئيسة منتخبة لإيران منذ عام‏1993‏ لفترة انتقالية‏!‏ هي بمثابة مجهول في رحم الغيب‏!‏ ولمزيد من الدقة‏
فإن انتخاب رجوي جاء من قبل ما يعرف بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وهو بالاساس حزب أسسه ويتزعمه مسعود رجوي زوج السيدة مريم رجوي عام1981 في طهران, ثم نقل مقره المركزي إلي العاصمة الفرنسية باريس. وحيث إن هذا الفصيل من المعارضة يعد جزءا من الشعب الإيراني, كما إنه يعد إفرازا بشكل أو بآخر للنظام في ذلك البلد ذي الحضارة العظيمة الموغلة في القدم, فإنه لا يصح الامتناع عن محاورته.
الأهرام حاول ثبر أغوار نوايا ذلك الفصيل العريض من المعارضة الإيرانية سواء فيما يتعلق بالأمة الإيرانية, أو بالجوار العربي المباشر وغير المباشر. القاريء للحوار سيلاحظ أن كثيرا من الإجابات تحمل فيضا من معلومات بعضها يرسم ملامح نوايا طيبة إزاء السنة في إيران, في حين تأتي إجابات لا تشي بمواقف محددة وخاصة عندما تعلق الأمر بقضية جزر الإمارات المحتلة. أيضا, سيلحظ القاريء أن بعض الاسئلة مسكونة بمعلومات أكثر من إجاباتها مثل تلك التي تتعلق بالأقلية العربية الضخمة في إقليم عربستان. إلا أن الحوار أكد علي عدد من الثوابت ومنها رفض هذا الفصيل بشكل قاطع أي تدخل أجنبي مسلح في إيران, ولكنه في الوقت ذاته يرفض أي وساطة صلح حتي لو بذلتها مصر! فإلي تفاصيل الحوار.

سؤال: أصدرت محكمة استئناف كولومبيا بواشنطن حكما طالبت فيه الإدارة الأمريكية بمراجعة موقفها بإدراج منظمة مجاهدي خلق علي قائمة الإرهاب... ما مدي إلزامية الحكم ؟
مريم رجوي: الحكم ملزم للإدارة, إلا إنها للأسف تأخرت في تنفيذه حتي الآن. وينص الحكم علي أن تهمة الإرهاب ضد المنظمة غير قانونية, وأن وزارة الخارجية بهذه التسمية قد انتهكت حقوق المجاهدين من دون تقديم الأدلة اللازمة, ويطالب الحكم وزارة الخارجية بإعادة النظر وفقا للقانون وللمعايير التي حددتها المحكمة. أيضا, فإن الكونجرس اعتبر هذا الموقف مخالفا للقانون وطالب بضرورة رفع المنظمة من القائمة.
سؤال: استمعت إلي تصريحاتكم الخاصة بإمكانية تغيير النظام في طهران باستخدام العقوبات الدولية إلي جانب تصاعد حركة التذمر الداخلية. بالنظر إلي السوابق بالمنطقة وأقربها العراق الذي عاني حصارا مدة13 عاما بالإضافة لتمردات مسلحة في الشمال والجنوب ولم يؤد ذلك لسقوط النظام إلا بالغزو... ما مدي واقعية مطالبتكم؟
مريم رجوي: من الخطأ المقارنة بين إيران اليوم والعراق في عقد التسعينات; فغالبية الشعب الإيراني حاليا تريد اسقاط النظام, كما تقود عملية التغيير حركة مقاومة منظمة تمثل البديل الديمقراطي, وهي تخوض منذ30 عاما معركة كلفتها120 ألف شهيد. من ناحية أخري, فإن التجارة مع إيران لاتخدم سوي النظام, ولذا فإنه حتي لو بلغت العقوبات نصف التي كانت علي العراق, سيصاب النظام بأزمة حادة..
سؤال: هل ترتضون كإيرانيين ـ حتي لو معارضين ـ أن تمس قوات أجنبية أراضي وشعب إيران؟
مريم رجوي: كلا بالطبع, وقد اعلنا مرارا أن الحل بيد الشعب الإيراني ومقاومته, وكل ما نرجوه هو عدم تقديم المساعدة للنظام. ولكنه ليس من الوارد أن يهاجم الغرب ايران, وأقصي ما نتوقعه وقوفه علي الحياد, وألا يهادن. إن خيارنا ـ الذي تجلي في انتفاضات2009 ـ هو تغيير ديمقراطي يتعطش له الشعب وهو ما حظي بتأييد40 من برلمانات العالم.
سؤال: ما حقيقة ما ترددونه من أن قطع أذرع النظام المسيطرة علي بغداد ستكون بداية نهايته؟
مريم رجوي: النظام الايراني بني علي القمع في الداخل وتصدير الارهاب والتطرف للخارج, وعلي رأسه العراق. نحن لم ننس ثمانية أعوام من الحرب مع العراق, والتي أسفرت علي الجانب الإيراني عن مليون قتيل وألف مليار دولار, وهي الحرب التي أكد الخوميني انها ستستمر حتي آخر لبنة قائمة في طهران, وهو ما يعني فشل الرهان الاستراتيجيي للنظام علي حربه مع العراق. ثم كانت السياسة الأمريكية الخاطئة التي قدمت للنظام ما عجز عنه طيلة سنوات الحرب, ألا وهو الاحتلال الخفي للعراق, واستخدامه كمنصة انطلاق لسائر الدول العربية والاسلامية. ولا يجب أن ننسي أن صحيفة كيهان الناطقة باسم المرشد الأعلي علي خامنئي كتبت قبل اعوام أن مصير المفاوضات النووية ستحسم في شوارع بيروت وبغداد, وهو ما يجعل رفع يد النظام عن العراق بداية النهاية له.
سؤال: هل تعتقدون أن الموقف الرسمي السلبي الأمريكي تجاه لاجئي مجاهدي خلق في معسكر أشرف بالعراق ناجم عن موقفكم السابق المتضامن مع نظام الرئيس الراحل صدام حسين؟
مريم رجوي: هناك زاويتان للمسألة: الأولي قانونية, حيث إنه طبقا للقانون الدولي, فإن أمريكا وبصفتها الدولة المحتلة للعراق, ملزمة بحماية سكان أشرف. وبالتالي, فإن تسليمها حمايتهم ـ وهم الذين تنطبق عليهم اتفاقية جنيف الرابعة ـ للقوات العراقية كان إجراء غير قانوني. ولذلك فإن واشنطن تتحمل المسئولية عن مجزرتي أبريل ويوليو2009 وعن أي ضرر يلحق بهؤلاء اللاجئين. أما الزاوية الثانية فتتمثل في خطأ سياسة واشنطن في مهادنة النظام الإيراني لمحاولة تقوية التيارات المعتدلة داخله, وهو ما ثبت كونه سرابا; فالأفعي لا تلد حمامة, وللأسف فإن واشنطن منذ ما بعد الحرب الثانية ظلت دائما علي الجانب الخطأ في إيران, بانقلابها علي محمد مصدق في خمسينات القرن الماضي, والدعم غير المحدود للشاه, وفضيحة إيران جيت وإدراج اسم مجاهدي خلق علي قائمة الإرهاب, وفتح ابواب العراق أمام النظام الإيراني.
سؤال: في حال وصولكم للحكم هل ستحافظون علي الدستور الذي يمنح كافة المناصب الرفيعة للشيعة؟ أم أن الخيار الآخر سيكون المحاصصة مذهبية وطائفية وعرقية علي غرار القائم في العراق؟
مريم رجوي: خلافنا الجوهري مع النظام منذ زمن الخوميني هو قولنا بالمشروعية السياسية لصناديق الاقتراع فقط وليس الدين والمذهب والعرق, وهو ما صادق عليه المجلس الوطني للمقاومة عام.1985 نحن كمسلمين نؤمن بأن الناس سواسية كاسنان المشط ولا فضل لعربي علي أعجمي ولا لأبيض علي أسود إلا بالتقوي وإن اكرمكم عند الله اتقاكم. ويوجد في صفوفنا شيعة وسنة وعرب وغير مسلمين, ولكننا كشيعة ننظر للآخرين كما قال الإمام علي لمالك الأشتر: الناس إما أخ لك في الدين أو شبيه لك في الخلق.
سؤال: لديكم علاقات قوية مع دول كثيرة فما المانع في توفير ملجأ آخر لـ3200 لاجيء إيراني, مع العلم أنني تحدثت من قبل مع مسئول رفيع في المفوضية السامية للاجئين وأبدي استعدادا للتدخل الإيجابي؟
مريم رجوي: وجود المجاهدين في أشرف قانوني وشرعي, فقد وصلوا المنطقة منذ25 عاما بالتوافق مع الحكومة العراقية, وذلك قبل أن يحولوها من صحراء الي مدينة عصرية, وجميع المواثيق الدولية تؤكد أحقيتهم في مقامهم. ورغم ذلك, فقد أكد المجاهدون استعدادهم للانتقال لدولة ثالثة, وهو ما يجعل المجتمع الدولي وخاصة أمريكا ملتزمة بحمايتهم لذلك الحين.
سؤال: في حال وصولكم للحكم كيف ستكون مواقفكم إزاء القضايا التالية:
1) ستنسحبون من جزر طنب الكبري وطنب الصغري الإماراتية في مدخل الخليج؟
2) ستخففون من التدخل في الشئون الداخلية لدول الجوار مثل العراق والبحرين وغيرهما؟
3) ما رؤيتكم المحددة للتعاون مع دول قاعدية بالمنطقة مثل مصر والسعودية؟
4) ستعيدون للسنة وعلي رأسهم البلوش والأكراد حقوقهم المسلوبة سياسيا واجتماعيا ومذهبيا؟
5) موقفكم إزاء انتهاكات حقوق ملايين العرب في إقليم الأحواز لدرجة وضع قوائم ملزمة بأسماء المواليد, ناهيك عن الإعدام غير القانوني لنشطاءهم الذين يأسوا من تحقيق مطالبهم بتنمية الإقليم الذي ينتج92% من بترول وغاز إيران؟
مريم رجوي: طالما أكدت الدعوة للمساواة, ومما يؤلمنا ألا يتمكن الأخوة السنة من أن يكون لهم مساجدهم بإيران, وقمع علمائهم بما يخالف تعاليم الإسلام. نحن نطالب بالمساواة التامة بين جميع مكونات الشعب بمن فيهم العرب والفرس والكرد والبلوش, وهذا يحقق مصالح إيران وهو جزء من برنامج المقاومة. وقد أقر المجلس الوطني للمقاومة منذ عام1983 خطة لحكم ذاتي لكردستان إيران بصلاحيات واسعة. في الوقت ذاته, نريد إنهاء كافة الأزمات وتدخلات النظام في شئون الجيرة, وخاصة العراق والبحرين والإمارات والكويت ولبنان وفلسطين. وبالرغم من دفاعنا عن حقوقنا الوطنية في الأرض والمياه, فنحن لسنا بحاجة للطمع في أراضي وثروات الجيران, ولكننا نطمع في الصداقة والتعاون. أما بالنسبة لمصر والسعودية والعراق فهم جيراننا الكبار, ولن يتوافر السلام والاستقرار بالمنطقة بدون الصداقة والأخوة معهم.
سؤال: لقد واجهت الدول العربية طموحات الشاه, ألا ترون بأن النظام بشكله الحالي في طهران أقل في طموحاته بالخليج؟!
مريم رجوي: لقد أرسي نظام الشاه العداوة والاختلاف مع دول المنطقة, ولكن النظام الحالي أسوأ; فعمليات القتل والاغتيالات التي قام ويقوم بها عملاؤه بالعراق أكثر من أن تحصي. لقد فعل النظام بالعراق ما لم يفعله هولاكو من هدم أقدس المزارات في العتبات المقدسة وقتل العلماء ورجال الدين ومذبحة حجاج بيت الله الحرام, ناهيك عما يفعله بقمع ثورة الشعب السوري, ونحن ننوي إنهاء كل ذلك بالصداقة والأخوة والحوار.
سؤال: في حال رفع مستوي العلاقات بين مصر وإيران, هل توجد فرصة لكي تلعب مصر دور الوسيط بين المعارضة الإيرانية في الخارج وبين النظام؟ وفي هذه الحالة هل يمكن عودتكم للمعارضة من الداخل؟
مريم رجوي: اسمحوا لي ان احذر الاخوة المصريين من التقارب مع النظام الحالي, ويكفي نظرة عابرة الي ما فعله هذا النظام بأبناء جلدته حتي تعرفوا انه عصي علي أي نوع من الوفاق. لقد فعلنا ما بوسعنا خلال السنوات الأولي للنظام, وكان رده حمامات دم, وفي عام1988 قتل30 ألفا من السجناء السياسيين, ناهيك عن عمليات الاغتيال بالخارج والداخل.