كلمة السيدة آيرن خان الأمينة العامة السابقة لمنظمة العفو الدولية في مؤتمر البرلمان الايطالي

السّيد الرئيس، السّيدة رجوي، أعضاء مجلس الشيوخ الشرفاء من البرلمان الإيطالي، أيها المتكلمون الأعزاء ، أيتها السيدات وأيها السادة، لي الشرف أن تكون لي فرصة الحديث معكم. لست سياسية، أتكلّم بصفتي ناشطة في حقوق الانسان وعنصر محب للانسانية. لذلك أريد أن أتكلم بهدوء و أتمنّى أن أكون قادرة على التعبير عما يجعلني مقلقة؛ وهو موضوع أناس احتجزوا كرهائن ، رهينة مصائرهم ويتعذبون يومياً. مخيّم أشرف قنبلة موقوتة إنسانية تنتظر للإنفجار؛ كم مرّة نحن سمعنا هذه الكلمات؟ منذ أن سلمت القوات الأمريكية مسؤولية المخيم إلى المسؤولين العراقيين في 2009، القنبلة الموقوتة بدأت تعمل. سكان مخيم أشرف يعيشون في خطر يومي من حياتهم، يتعرضون للمضايقات والايذاء ومحرومون من العناية الطبية ويتعرضون للتعذيب ليل نهار بواسطة مكبرات صوت قوية. تعرضوا للهجوم سقط عدد منهم بين قتيل وجريح.
وأصدرت منظمة العفو الدولية العديد من التقارير فيما يتعلق بحالة سكان أشرف. في يوليو/تموز 2009 قتل أحد عشر شخصا واصيب مئات الآخرين بجروح. في السابع يناير/كانون الثاني من هذا العام كان هناك حادثة أخرى اصيب 176 شخص بجروح بضمن ذلك 91 امرأة.

يشهد التأريخ بأنّ الحصانة عن المعاقبة تشجع على المزيد من إنتهاكات حقوق الإنسان. وعندما يتم اهمال إنتهاكات حقوق الإنسان فتزداد حالتها مرارا وتكرارا بشكل متتال. في8 أبريل/نيسان من هذا العام دخلت البولدوزرات والأسلحة في الميدان وحاول المسؤولون العراقيون اخفاء الحقائق فمنعوا الوصول إلى المعسكر ولجأوا الى الاكاذيب حول الحقائق والأرقام لكن الحقيقة أظهرت نفسها حيث يعرف العالم الآن بأنّ هناك 36 من السكان قتلوا بضمنهم 9 نساء. العالم يعرف أن هناك المئات من الناس جرحوا، البعض منهم تعرضوا للدهس والبعض الآخر اصيبوا بالرصاص، و بعض الناس توفوا لأنهم لم يحصلوا على العناية الطبية بمرور الوقت. وقال عضو مجلس الشيوخ الأمريكي جون كيري انها ابادة جماعية. كما قالت نافي بيلاي مندوبة الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان ليس هناك ما يبرر لهذا العدد من الوفيّات. كانت هناك إدانات دولية من كلّ الجوانب، من منظمة العفو الدولية، من الأمم المتحدة، من القادة السياسيين الأمريكيين والأوروبيين، كانت هناك نداءات لتحقيق مستقل لكن إلى يومنا هذا لم يتم أي محاسبة وانما بالعكس زاد خطر التهديدات والوفيّات الأكثر.

الحكومة العراقية ترى المخيم شوكة في علاقاتها الثنائية مع النظام الايراني. ويتم الحديث عن نقل السكان الى موقع آخر في العراق. وهناك أيضا قلق بخصوص طرد بعض السكان بقوة الى ايران. كلنا يعرف ماذا سيحدث ان تم طرد أي ساكن من سكان أشرف بالقوة الي ايران.
يجب أن نتذكر فقط إلى ما حدث بخصوص جعفر كاظمي أو محمد علي حاج آقايي أو علي صارمي. هذه حالات وثقتها كلها منظمة العفو الدولية. لكن كان هناك المزيد من الافراد أعدمهم النظام الايراني فقط بسبب أن ذويهم كانوا في أشرف أو هم أنفسهم زاروا أشرف أو انهم كانوا من مؤيدي منظمة مجاهدي خلق. الحكومة العراقية أعلنت للعالم بوضوح أنها ستغلق المخيم وهذه اشارة الي أن السكان سوف يتعرضون للايذاء والاعتداء سوف يقتلون أو يصابون بجروح ويتعرضون للتهديد والضغط والمضايقات لمغادرة المخيم سواء كانوا أحياء أم موتى

أشرف ليس قنبلة موقوتة تنتظر الإنفجاربل مأساة إنسانية تحدث الآن. انه عار على جبين المجتمع الدولي أن يكتفي بالنطق بالكلمات المعسولة فقط بينما تتعرض حياة الناس لخطر. انكم كمشرّعين، جميعا تعرفون بأنّ القانون الدولي أوضح بجلاء أنه لايجوز اعادة أي واحد و أكرّر أي واحد بصرف النظر عمن هو وماذا فعل أو أي مكان هو، الى مكان آخر من المحتمل أن يتعرض للتعذيب. فسجل النظام الايراني في التعذيب معروف للجميع. لا أحد يجوز قتله أو الاعتداء عليه أو معاملته سوءا أو حرمانه من العناية الطبية. وكلنا يعرف الآن سجل العراق بقدر ما يتعلق الأمر بمخيم أشرف. فيما وقع العراق على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. ان هذا العهد يلزم بوضوح الحكومة بحماية سكان مخيم أشرف. ولكن عندما يفشل العراق في هذا الأمر فالمجموعة الدولية تتحمل المسؤولية. والمجموعة الدولية تتضمّن الأمم المتحدة بالإضافة إلى دولها الأعضاء.

علينا أن لا ننسى بأنّ سكان مخيم أشرف أعلنتهم الولايات المتحدة بأنهم أفراد محميون تحت إتفاقيات جنيف. في يناير/كانون الثاني 2009، سلّمت الولايات المتحدة سيطرة أشرف وأمن سكانه الى الحكومة العراقية وكانت المجموعة الدولية شاهدة على ذلك التسليم. إذن لو لم نستطع حماية سكان أشرف فكلنا مقصرون في هذا الأمر. إذا لا يحمل العراق نية حماية سكان المخيم وليس قادراً على ذلك فعلى المجموعة الدولية أن تحميهم. هذا هو جوهر مبدأ المسؤولية للحماية (آرتوبي). إذا كانت هذه المسؤولية لحماية الناس تشمل المواطنين في مصراته فيجب أن تشمل المواطنين في مخيم أشرف أيضا. حقوق الإنسان لن تختلف ولا يمكن تطبيقها بشكل إنتقائي، حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية لا تهملان ببساطة كون الحكومات والمنظمات الدولية لا تستطيعان اتخاذ القرار بخصوص موقع الأفراد. هناك بعض الحقوق الأساسية التي تلتزم بالناس بغض النظر عن أيّ منزلة والتي تتضمّن الحقّ في الأمن الشخصي والحصول على عناية طبية والتعامل الانساني.

علاوة على كلّ المخاوف والأخطار التي عانى منها سكان مخيم أشرف حتى الآن، هناك الآن قلق من نقلهم بالقوة داخل العراق. الناس ليسوا سلع يمكن نقلهم وبخلاف من رغبتهم. ان النقل القسري يزيد من خطر الاصابة والموت. ليس من الواضح أن الأفراد الي أي جهة من العراق يتم نقلهم ومن الذي سيعتني بهم. كيف يمكن السكان أن يثقوا بحكومة العراق لإعطائهم حماية ومساعدة في أيّ موقع آخر في العراق بينما أخفقت الحكومة في حمايتهم في مخيم أشرف حيث كان بشكل يومي تحت المجهر العالمي. واذا تم عملية النقل خلافاً لرغبة السكان سيكون ذلك حافلاً بالخطر. وهذا يمكن أن يؤدّي إلى إراقة دماء أكثر.

اني لا أقول هذه الكلمات ببساطة من منطلق نظري وانما أطرحها بصفة شخص عمل لمدة21 عاماً كناشط لحقوق الانسان مع مندوب الأمم المتحدة السامي للاجئين. اني رأيت أناساً إنتقلوا بالقوّة من حدود تايلندا وكمبوديا داخل تايلندا. اني رأيت كيف جرح أناس أو تعرضوا للقتل والمعاناة. ولكنّي أعرف أيضا بأنّه عندما حدثت مثل هذه الحالات نجحت المجموعة الدولية في ايجاد حلول لها أيضا. المجموعة الدولية وجدت حلا للناس الذين تم نقلهم قسراً من حدود كمبوديا الى داخل تايلندا. المجموعة الدولية وجدت حلا عندما رفضت العربية السعودية قبول اللاجئين العراقيين داخل العربية السعودية. فتم توطين اولئك الافراد في موقع آخر عبر الأمم المتحدة. لذلك هناك حل لسكان مخيم أشرف أيضا.

سكان مخيم أشرف يريدون البقاء حيث ما يتواجدون الآن لأنه قريب من وطنهم الآم. لكنّهم أنفسهم يدركون بأنّه أفضل لهم الآن أن يتحرّكوا. انهم راغبون التحرّك في مكان آخر في بلدان أخرى. أعتقد أنها تحول ورسالة مهمة لحل الحالة التي كانت واحدة من القضايا الصعبة للغاية انسانيا وسياسياً. والآن الفرصة مواتية لتوطين سكان مخيم في أماكن أخرى في أوروبا، هناك فرصة لحلّ كلتا الموضوعين الانساني والسياسي. لذا ما يجب انجازه ومثلما قالت السيدة رجوي اولا وقبل كل شيء يجب حماية سكان أشرف مباشرة في موقع تواجدهم الآن.
حياة الناس في خطر الآن. وذلك يعني مراقبة فعّالة للمخيم من قبل الصليب الأحمر الدولي والأمم المتحدة. اني رأيت في العديد من الحالات القلقة حول العالم كيف آن حضورا دوليا ومراقبة دولية يمكن أن يهدّئا التوترات، يمكن أن يبني ثقة بين كلا الطرفين آي بين السكان وأيضا بين الإدارات المحليّة. وهذا يجب أن يحدث مباشرة بخصوص حالة أشرف. مندوب الأمم المتحدة السامي للاجئين يجب أن يصل اليهم ليجري مقابلة ويقرر حالة سكان أشرف لكي يمكن اعادة إستيطانهم في المستقبل. لكن دعونا نتذكر بأنّ الأمم المتحدة لا تمتلك جزيرة سحرية تنقل اللاجئين اليها. بل تعتمد على الحكومات لتصدر التأشيرات وهنا لابد من أن تشمر الحكومات عن الساعد لرفع التحدي. إنه لأمر حسن أرى الإهتمام من قبل البرلمان الإيطالي بخصوص حالة مخيم أشرف. هذه ليست المرة الأولى التي كتبتم. . . .