طهران تساعد في قمع الاحتجاجات السورية وتطالب النظام بالإصلاح!- رولا خلف

من طرف علي قاسمي الأحد سبتمبر 18, 2011 2:46 am

طهران تساعد في قمع الاحتجاجات السورية وتطالب النظام بالإصلاح!
فايننشال تايمز
16/9/2011
بقلم : رولا خلف
في الوقت الذي يكثف فيه خصوم الرئيس بشار الأسد ضغوطهم عليه، يتبنى أصدقاؤه نهجاً جديداً من خلال مناشدته ببدء العمل بالإصلاحات المطلوبة، وذلك بهدف توفير الوقت لنظامه للتغلب على الأزمة.
المثير هنا هو أن أهم دعوات الإصلاح هذه وأغربها جاءت من إيران حليف سورية الاستراتيجي في الشرق الأوسط.
ويفسر المحللون السياسيون هذا التغيير في الموقف الإيراني بالقول إنه يعكس قلق وتوتر طهران حول الطريقة التي يعالج بها نظام دمشق الاحتجاجات الشعبية المستمرة في سورية منذ 6 أشهر.
كما يأتي هذا التغيير – برأي هؤلاء المحللين – كتحرك تكتيكي هدفه حد الضرر الذي لحق بصورة إيران في المنطقة باعتبار أنها تصور نفسها كبطلة في الدفاع عن المضطهدين والمظلومين.
لذا، سارع الرئيس محمود أحمدي نجاد، الذي اتهمه الناس بسرقة انتخابات عام 2009 مما أثار موجة من الاحتجاجات غير المسبوقة في شوارع مدن إيران، الى التحدث حول «الحاجة للإصلاح» في سورية.. بل وذهب وزير خارجيته علي أكبر صالحي الى درجة دعوة الرئيس السوري بوضوح للاستجابة لمطالب الشعب المشروعة.
إلا أن مثل هذه الدعوات تأتي في وقت ذكر فيه الدبلوماسيون الغربيون أن الرئيس الأسد يتلقى النصح والدعم اللوجستيكي من إيران مما مكنه برأيهم من الاستمرار في حملته العسكرية بلا هوادة لسحق الاحتجاجات التي ذهب ضحيتها حوالي 2600 سوري، وفقاً لتقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية.
حليف أساسي
لكن على الرغم من استمرار واشتداد وتيرة هذه الحملة، ليس هناك ما يشير الى أنها كسرت إرادة حركة الاحتجاج بل زادت موقف الحكومة وسلطتها ضعفاً.
إذ على الرغم من قول المحللين في طهران ان إيران سوف تؤيد الأسد حتى آخر يوم، إلا أنها تشعر بقلق متزايد حول قدرة نظامه على البقاء، فانهيار نظام دمشق من شأنه أن يحرم طهران من حليف أساسي، ويوجه ضربة موجعة لطموحاتها في نشر هيمنة أكبر على المنطقة في هذه الفترة من الوقت التي تشهد فيها تغييراً تاريخياً بأبعاد كبيرة.
فإذا ما نجحت الاحتجاجات الشعبية التي يحركها السوريون السّنة الذين يشكلون الأغلبية في سورية، لن تحافظ الحكومة السورية المقبلة بعد انهيار النظام على علاقة وثيقة مع إيران على الأرجح.
لذا، ولتدارك مثل هذه العواقب المحتملة، اجتمع مسؤول إيراني مؤخراً مع ناشطين من المعارضة السورية في محاولة لإقامة حوار بين المعارضة والجوار الإقليمي.
يقول مسؤول إيراني سابق: ليس ثمة خيار أمام إيران سوى دعم الإصلاحات في سورية بغية شراء الوقت ولكي لا تبدو في موقف مناهض للرأي العام العربي.
تناقض فاضح
والحقيقة أن ما جرى في سورية كشف على نحو فاضح تناقضات موقف إيران إزاء الثورات العربية. فبينما هللت طهران ورحبت بـ«ربيع العرب» بوصفه «يقظة إسلامية» مستوحاة من ثورتها عام 1979، أيدت موقف دمشق القائل إن الثورة في سورية مؤامرة خارجية هدفها مصلحة إسرائيل.
لكن سواء كان الأمر في سورية أو في المنطقة، من الواضح أن العرب الذين هبوا ضد النظم السلطوية كانوا يتماثلون مع المعارضة الإيرانية التي سحقها نظام طهران في 2009، فقد كانت دوافع ثورتهم هي الاعتبارات الداخلية وليس النضال ضد أمريكا أو ضد إسرائيل.
حول هذا، يقول دبلوماسي إيراني مطلع على ما يجري في أروقة السلطة بطهران: لم يعد بوسع إيران الوقوف ضد الرأي العام السوري أكثر من ذلك لأن الغضب الشعبي منها بات خطيراً فعلاً.
فقد أظهرت عملية استطلاع حديثة للآراء أجراها المعهد الأمريكي – العربي في واشنطن وشملت 6 بلدان عربية، أظهرت تراجع شعبية إيران على نحو دراماتيكي مقابل تصاعد شعبية تركيا بشكل كبير في العالم العربي.
ويضيف هذا الدبلوماسي قائلاً: غير أن طهران لا تريد في الواقع من سورية سوى أن تنفذ إصلاحات تجميلية فقط لأن القيام بخطوات جذرية في هذا المجال يمكن أن يؤدي لنهاية النظام.
ومهما يكن الأمر، يبدو أن هذه المسألة لم تعد تهم المعارضة السورية لأنها غيّرت منذ أشهر مطلبها الأساسي من المطالبة بالإصلاح الى الدعوة لتنحي الرئيس.